jeudi 16 juin 2011

تكيف النظام القضائي الإداري على ضوء تعديلات

مقـدمـة:
      اعتمدت دول كثيرة على نظام قضائي يفصل بين القضاء العام والقضاء الإداري، وذالك لأن القضاء العام يفصل في نزعات أطرافها هم أفراد يخضعون للقانون العام، بينما موضوع القضاء الإداري هو الفصل في النزعات التي تكون الدولة أو إحدى هيئاتها طرفا في النزاع. كون هذه الأخيرة في عملها لتحقيق المصلحة العامة تخضع لقانون خاص يخولها مجموعة من الامتيازات والاستثتاءات يدعى القانون الإداري.
  فاستقلالية المنازعات الإدارية تكمن في خصوصية القانون الإداري عن باقي القوانين فمهام الدولة في تحقيق التنمية الشاملة جعلها تحتاج إلى جانب الإمكانيات البشرية، المادية والمالية إلى وسائل قانونية وتنظيمية تسمح لها بالتدخل في جل قطاعات الحياة، وهي في سبيل ذالك سوف تعكف على مفاهيم جد واسعة كالسلطة العامة، المرفق العام وامتياز القرار الإداري فتستخدمها كأساس قانوني لتحقيق مختلف مهامها.
وبالتالي في حالة نشوب نزاع بين الدولة والفرد لا يمكننا أن نطبق القانون العام لأننا بهذا نلغي الدور الريادي للدولة، كما لا يمكننا إلغاء حق المواطن في التظلم وبالتالي جاء القضاء الإداري ليأخذ جميع هذه الخصوصيات بالحسبان، وليضمن حق الفرد في استئناف قرارات الدولة.
 قبل الاستقلال، كان القضاء الإداري مستقل من جميع الجوانب عن القضاء العادي وذالك حيث يختلف معه في طبيعة الإجراءات والهياكل والنظام الأساسي للقاضي، لكن غداة الاستقلال، وجدت الدولة الجزائرية الفتية نفسها أمام مجموعة من المعطيات مع وجوب التكيف معها.
  أولا : كانت وظيفة القاضي حكرا على الفرنسيين فقط، وبالتالي مع خروج الفرنسيين وجدت الدولة نفسها بدون تأطير.
  ثانيا: أمية وجهل يشمل غالبية الشعب وبالتالي ضرورة البحث عن نظام قضائي جد مبسط من حيث الإجراءات والشكليات .
  ثالثا: ضعف شديد في الإمكانيات المالية للدولة غداة الاستقلال.
وبالتالي لجأ المشرع آنذاك بغية تبسيط إجراءات التقاضي وتخفيف تكاليف التجهيز إلى توحيد الهياكل القضائية العامة والإدارية في هيكل واحد وهو المحكمة العليا، حيث تتوفر على فرقة إدارية، والمجلس القضائي وهو كذالك يتوفر على غرفة إدارية كدرجة أولى، والمحاكم ذات الاختصاص العام، لكن هذا لا يعني زوال المنازعات الإدارية بل احتفظت بخصوصيتها.
إلى غاية دستور 1996 أين رجعنا إلى تطبيق النموذج الفرنسي أين يوجد هرمين قضائيين، قضاء عام وعلى رأس الهرم المحكمة العليا، وقضاء إداري وعلى رأس الهرم مجلس الدولة.
إني من خلال هذا العمل البسيط أحاول أن أوضح للأستاذ الكريم ما هي اختصاصات القضاء الإداري أي بصفة أخرى ما هي حدود النزاع الإداري؟
كما أبين للأستاذ تركيبة القضاء الإداري، واختصاصات كل من مجلس الدولة والمحاكم الإدارية.
في مرحلة ثانية التي تكون أكثر عملية من المرحلة الأولى سأحاول أن أوضح للأستاذ شروط رفع الدعوى بصفة عامة والدعوى الإدارية بصفة خاصة، وكيفية متابعتها، وطرق الاستئناف وتنفيذ الحكم.
كما أتطرق إلى مشكلة امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام القضاء والحلول الممكن اقتراحها وللتأكد من أن الأستاذ قد استوعب جيدا هذا المحور، عليه بعد الخروج من هذا الملف الإجابة على الأسئلة التالية، ثم يعيد فتح الملف ويقارن إجاباته بمضمون الملف.

     1-  ما هي الشروط الخاصة برفع الدعوى الإدارية ؟
     2- ما هي أهم الامتيازات التي تمتلكها الإدارة في مجال القرار الإداري؟
     3- هل يمتلك القاضي الإداري نظاما خاصا أم لا؟
     4- ماذا نعني بالمعيار العضوي كأساس لتحديد طبيعة النزاع؟
     5- ما هي الاستثناءات الواردة في المادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية؟
     6- ماذا نعني بالاختصاص الاستشاري لمجلس الدولة.
     7- ما مدى إلزامية التظلم الإداري في قبول الدعوى الإدارية ؟
     8- ما هي الشروط الواجب توفرها في الشخص ليرفع دعوى إدارية؟
     9- ما هي المدة الزمنية التي يمكن في خلالها استئناف قرار محكمة إدارية؟
   10- ما هي المسؤولية القائمة على الإدارة في حالة امتناعها عن تنفيذ القضاء الإداري.
    11- هل وجدت المحاكم الإدارية طريقها للتجسيد أم ليس بعد؟
    12-  ما هي الحلول الممكن اعتمادها لضمان عدم امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام  القضاء الإداري ؟

المقصود بماهية القضاء الإداري هي تلك العوامل التي نسمح لنا بمعرفته والإحاطة به، بدأ بموضوعه أي ماذا يتناول القضاء الإداري، وبصيغة أوضح ما هي حدود النزاع الإداري، وما هي هيئاته، والأشخاص العاملين فيه.

ننطوي معرفة حدود النزاع الإداري على أهمية أولية، بسبب نتائجه القضائية فهو يسمح بصورة خاصة، بتحديد مجال اختصاص الهيئات القضائية الناظرة في المواد الإدارية، كي يتمكن المتقاضي من رفع دعواه إليها، محترما في تلك القواعد الإجرائية الخاصة بها، أما إذا كانت الدعوى موجهة في اتجاه غير صحيح، فإن هذا سيؤدي إلى عدم احترام القواعد الإجرائية، وسيعرض المتقاضي إلى رفض دعواه من قبل القاضي.
وقد نص المادة 7 من ق.إ.م على أن النزاع إداري إذا كان أحد أطرافه شخصا عام، وقامت بتحديد وحصر هؤلاء الأشخاص في الدولة، الولاية، البلدية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية وبالتالي تستعبد كل الأشخاص العمومية الأخرى، إذن المادة 7 نشكل القاعدة العامة للاختصاص، ثم جاءت المادة 7 مكرر لتضع على سبيل الحصر مجموعة من الاستثناءات على المادة 7 وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الثاني.

      المقصود بالمعيار العضوي هو أن العبرة في تحديد اختصاص المحكمة الإدارية بالإدارة المدعية أو المدعى عليها، فكلما كانت الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري طرفا في النزاع كلما انعقد اختصاص المحاكم الإدارية بغض النظر عن طبيعة النشاط.
لقد جاء في نص المادة السابعة من قانون الإجراءات المدنية على أن تختص المجالس القضائية (حاليا المحاكم الإدارية) في جميع القضايا أي كانت طبيعتها التي تكون الدولة أو الولايات أو البلديات أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها، وهنا تأكيد على أن المشرع الجزائري لا يعتد بالمعيار القانوني أي ننظر للقانون الواجب التطبيق، أو للمعيار المادي، أي نأخذ طبيعة نشاط الإدارة في تحديد الجهة المختصة، ونظهر أهمية هذا المعيار في بساطته حيث لا يحتاج إلى بحث كبيرا حتى نحدد طبيعة النزاع.
فكلما كان أحد أطراف النزاع، الدولة، الولاية، البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية كان النزاع إداري: لكن ما هي طبيعة النزاع إذا كان أحد أطرافه.
أ-المؤسسات العمومية التجارية والصناعية.
ب-المرافق العامة المسيرة حكوميا عن طريق الاستغلال المستقل.
جـ-المرافق العامة المسيرة عن طريق الامتياز.
أ-المعيار العضوي والمؤسسات العمومية التجارية والصناعية:
إن المعيار العضوي الوارد في المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية يتضمن استثناءا خاصا بالمؤسسات العمومية التجارية والصناعية التي نخرج منازعتها عن ولاية المحاكم الإدارية، حسب ما يوحي به الاستنتاج بمفهوم المخالفة في المادة أعلاه، غير أن الأمر ليس دائما بهذا الوضوح سواء على مستوى تحديد مفهوم المؤسسة العمومية التجارية والصناعية وتمييزها عن المؤسسة العمومية الإدارية أو على مستوى تطبيق قواعد الاختصاص، وذلك في الحالات التي لا يفصح المشرع صراحة عن نيته في قانون الإنشاء.
أولا: على مستوى المفهوم
لقد اختلف الفقه في تحديد المعيار الواجب إتباعه للتميز بين المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري والمؤسسات العمومية الصناعية والتجارية وهكذا طرحت عدة معايير منها.
1-معيار الخضوع لأحكام القانون الخاص:
حقيقة أن القانون الواجب التطبيق هو أحد أوجه التمييز بين النوعين من المؤسسات، ولكنه ليس معيارا حاسما لأن المؤسسات العمومية التجارية والصناعية وإذ كانت تخضع لأحكام القانون التجاري فإن هذا الخضوع جزئيا يتعلق بعلاقات الإنتاج والبيع ولكنها في علاقاتها مع الدولة تبقى خاضعة لأحكام القانون الإداري هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن تحديد القانون الواجب التطبيق لا يتم إلا بعد تحديد طبيعة المؤسسة، فهو نتيجة وليس سببا.
2-معيار الربح:على الرغم من أن الربح هو معيار جيد، إلا أنه ليس حاسما لأن هدف الربح يمكن أن يتوفر حتى في غير المؤسسات العمومية التجارية وذلك عن طريق رفع رسوم الخدمات التي تقدمها المؤسسات العمومية الإدارية.
 
3-معيار طبيعة النشاط:طبقا لهذا المعيار لكي يكون المرفق من طبيعة تجارية وصناعية، فلابد أن يكون نشاطه مما يعتبره القانون التجاري نشاطا تجاريا.
 
3-المعيار القضائي:
لقد كرس القضاء في فرنسا معيارا يقوم على عنصرين اثنين أحدهما موضوعي وثانيهما شخصي. فالموضوعي هو أن يكون النشاط بطبيعته تجاريا أو صناعيا وليس ضروري أن يعتبره القانون التجاري كذلك. وأما الشخصي وهو رغبة الإدارة، فيما إذا كانت قد أرادت إخضاع النشاط للعامل التجاري أم لا؟
 
4-موقف القضاء والتشريع في الجزائر من المسألة:تشير بعض الأحكام القضائية إلى طبيعة النشاط وإلى قانون الإنشاء للتميز بين النوعين، أما على مستوى التشريع فلا يظهر مثل هذا المعيار بالوضوح اللازم.
ثانيا: على مستوى الاختصاص
إن القانون ينص على أن هيئات الضمان الاجتماعي هي مؤسسات عمومية ذات طابع إداري، كما أن مراكز البحث والتنمية تخضع للقانون الإداري و بالنسبة للمؤسسات العمومية ذات الصبغة التجارية والصناعية والهيئات والتجمعات التي تدور في فلكها فالقانون نص على اختصاص المحاكم الإدارية بجزء من منازعات هذه المؤسسات والهيئات.
ب- المعيار العضوي والمرافق العامة المسيرة حكوميا عن طريق الاستغلال المستقل:
عندما يأخذ التسيير الحكومي للمرفق، شكل استغلال مباشر، فإن المشكل لا يطرح، بينما ينعقد المشكل إذا ما أخذ التسيير الحكومي شكل استغلال مستقل. ففي هذه الحالة يتمتع المرفق العام بالشخصية المعنوية التي من بين أهم نتائجها الاستقلال القانوني والمالي، ومن تمة فإن الدعوى التي تكون طرفا فيها المرافق المسيرة وفق هذا النمط لا يمكن أن تكون حسب الصياغة الطاهرية للمادة 7 في ق.إ.م، إن هذه النتيجة تجافي منطق المشرع في تحديد الاختصاص، ويبقى الاجتهاد القضائي مفتوح في هذا المجال.
جـ- المعيار العضوي والمرافق العامة المسيرة عن طريق الامتياز:
الامتياز هو أسلوب من أساليب تسيير المرافق العامة، ويتم عن طريق عقد تمنح بموجبه الإدارة تسيير مرفق عام لشخص طبيعي أو معنوي ويبقى الاجتهاد القضائي مفتوح في تحديد الجهات القضائية المختصة.
 
      الرجوع إلى مفهوم المخالفة في المادة (7.ق.إ.م) وإلى المادة 7 مكرر ق.إ.م، يمكن استخلاص قائمة من الاستثناءات التي تمنح الاختصاص للمحاكم العامة رغم أن الإدارة طرفا في النزاع.أ- الاستثناءات الواردة في قانون الإجراءات المدنية :
1-
الاستثناءات الواردة في مفهوم المخالفة للمادة 7 ق.إ.م. وهي منازعات المؤسسات العمومية ذات الصبغة التجارية والصناعية.
بمفهوم المخالفة للمادة 7 من ق.إ.م التي تنص اختصاص المحاكم الإدارية بالمنازعات التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها، فإن منازعات المؤسسات العمومية الصناعية والتجارية تعود للمحاكم، وهي قاعدة عامة وليس مجرد استثناء، إلا إذ وجد نص صريح يمنح هذا الاختصاص للمحاكم الإدارية. وقد كرس قضاة المحكمة العليا هذه القاعدة.
2-الاستثناءات الواردة بالمادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية
إن الاختصاص ينعقد أحيانا للمحاكم رغم توفر المعيار العضوي وذالك في مجالات حددتها المادة 7 مكرر من ق.إ.م على سبيل الاستثناء من القاعدة العامة وهي
- مخالفات الطرق
- المنازعات المتعلقة بالإيجارات الفلاحية والأماكن المعدة للسكن أو لمزاولة مهنية أو الإيجارات التجارية وكذلك في المواد التجارية أو الإجتماعية.
- المنازعات الخاصة بالمسؤولية والرامية لطلب تعويض الأضرار الناجمة عن سيارة تابعة للدولة أو لإحدى الولايات أو البلديات أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
-المنازعات العائدة لاختصاص محاكم مقار المجالس بموجب المادة 7 مكرر فقرة 2.ق.إ.م لقد نصت الفقرة 2 من المادة 7 مكرر من ق.إ.م على اختصاص المحاكم المنعقدة بمقار المجالس القضائية وحدها دون محاكم الدوائر بالمنازعات الواردة في الفقرة3 من المادة الأولى من قانون الإجراءات المدنية، وبالرجوع إلى هذه الأخيرة يتضح أن هذه المنازعات تتعلق حصرا بالمواد التالية " الحجز العقاري، وتسوية قوائم التوزيع وبيع المشاع وحجز السفن والطائرات وبيعها قضائيا، وتنفيذ الحكم الأجنبي، ومعاشات التقاعد الخاصة بالعجز والمنازعات المتعلقة بحوادث العمل ودعاوى الإفلاس والتسوية القضائية وطلبات بيع المحلات التجارية المتعلقة بقيد الرهن الحيازي.
ب- الاستثناءات الواردة في نصوص لاحقة :
1
- المنازعات المتعلقة بالجمارك :
تنص المادة 273 من قانون الجمارك على أن ننظر الهيئة القضائية المختصة بالبت في القضايا المدنية بالإعتراضات المتعلقة بدفع الحقوق وتسديدها وبمعارضات الإكراه، وغيرها من القضايا الجمركية التي لا تدخل في اختصاص القضاء الجزائي، تشكل المادة 273 النص العام حول الاختصاص، مع التأكيد في مواد أخرى على هذا الاختصاص، وهكذا نصت المادة 257/3 من قانون الجمارك على اختصاص المحكمة المدنية لمكان تحرير محضر الجمارك بالطعون الخاصة بهذه المحاضر ونصت المادة 288 ق.ح كذلك على اختصاص المحكمة المدنية بالدعاوى التي ترفعها إدارة الجمارك بهدف المصادرة العينية للأشياء المحجوزة.
إن الطابع الحساس والخطير للموضوع هنا والمتعلق بالمساس بأموال الأفراد هو الذي دفع المشرع إلى حرمان الإدارة من امتيازات القانون العام.
2-المنازعات المتعلقة ببيع أملاك الدولة الخاصة (الحالة الخاصة بالمادة 35 من قانون 7/2/1981).
إذ لا تظهر الإدارة في هذه المسائل (خارج قرار التنازل أو عقد البيع) كسلطة عامة، بل تبدو كأي شخص عادي يتصرف في أمواله الخاصة، وعلى الأرجح أن نية المشرع تكون قد اندرجت ضمن هذا الإطار في المادة 35 من قانون التنازل.
3
-منازعات مرفق القضاء :
الحالة الخاصة بإلتماس إعادة النظر في المواد الجزائية وتعويض المحكوم له بالبرأة.

     قبل الإصلاح الدستوري لـ 1996، كان تنظيم القضاء الإداري مجسد في ثلاث غرف الغرف الإدارية المحلية الموجودة على مستوى كل مجلس قضائي، ثم الغرف الإدارية الجهوية الموجودة على مستوى خمس مجالس قضائية، لها اختصاص جهوي يشمل عدة ولايات، وأخيرا الغرفة الإدارية لدى المحكمة العليا، ومع الإصلاح الدستوري لـ 1996 جاءت المادتين 152 و 153 من الدستور لتحديد الإطار التنظيمي للقضاء الإداري، ثم تبعها صدور القوانين الآتية:
1-القانون العضوي رقم 98/01 المؤرخ في 30/05/98 المتعلق بمجلس الدولة.
2-القانون رقم 98/02 المؤرخ في 30/05/98 المتعلق بالمحاكم الإدارية.
 
      تنص المادة 152 من الدستور " تمثل المحكمة العليا الهيئة المقومة لأعمال المجالس القضائية والمحاكم، يؤسس مجلس دولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية تضمن المحكمة العليا ومجلس الدولة توحيد الاجتهاد القضائي في جميع أنحاء البلاد ويسهران على احترام القانون.
تؤسس محكمة تنازع تتولى الفصل في حالات تنازع الاختصاص بين المحكمة العليا و مجلس الدولة.
الفرع الأول: تنظيم مجلس الدولة
تشكل المادة 152 من الدستور والقانون العضوي 98/01 الإطار العام لتنظيم مجلس الدولة، حيث طبقا لنص هذا القانون يشتمل مجلس الدولة على ثلاث هيئات أساسية.
أ-الهيئة الإدارية: تشمل مجموعة من المصالح والهيئات التقنية والإدارية، على رأس هذه الهيئات مدراء معيين بمراسيم رئاسية ويعملون تحت وصاية الأمين العام لمجلس الدولة.ب-الهيئة القضائية: يتكون مجلس الدولة من 34 مستشار دولة، و10 قضاة يمثلون النيابة العامة، يتكون مجلس الدولة من غرف مقسمة إلى أقسام عدد الغرف يبلغ 05، أم الأقسام تعددها08.جـ-هيئة استشارية:تعتبر مهمة جديدة للقضاء الإداري في الجزائر، حيث ينص القانون العضوي 98/01 على وجود هيئتين.جـ-1) الجمعية العامة: برأسة رئيس مجلس الدولة، تتكون كذلك من نائب الرئيس، النائب العام، رئساء الغرف، و05 مستشاري دولة، والوزير المعني ينص القانون، ويمكن استدعاء خبراء لإثراء الجانب التقني.جـ-2) اللجنة الدائمة: برأسة أحد رؤساء الغرف و 04 مستشاري دولة.
الفرع الثاني: اختصاصات مجلس الدولة
أ- كقاضي ابتدائي ونهائي:
ويتعلق الأمر هنا بالطعون بالإلغاء، وبتفسيرها، وتقدير مدى مشروعيتها الموجهة ضد القرارات الصادرة عن السلطة الإدارية المركزية، وحسب نصوص القانون فإن اختصاص مجلس الدولة، اختصاص ابتدائي ونهائي، ومن ثمة لا يمكن أن تخضع لأي طعن بالنقض، غير أنه يجوز ممارسة " التماس إعادة النظر" ضدها إذا توفرت الشروط، والمعارضة إذا كان الحكم غيابيا.
إن مبرر إحالة هذه المنازعات على مجلس الدولة مباشرة هو أهمية موضوعها المتمثل في الرقابة القضائية على قرارات مركزية هامة، ومن عيوب هذه القاعدة هي هدر درجات التقاضي.
ب- كقاضي استئناف :
يعتبر مجلس الدولة قاضي استئناف بالنسبة للقرارات الصادرة عن المحاكم الإدارية أو المحاكم الإدارية الجهوية، نصت على ذالك المادة (7 ق.إ.م) والمادة 277 من ق.إ.م. وميعاد الاستئناف هو شهر واحد من تاريخ التبليغ، وتقصر هذه المهلة إلى النصف في الأحكام الإستعجالية.
يتمتع مجلس الدولة هنا بجميع صلاحيات قضاء الاستئناف، وعلى وجه الخصوص إعادة دراسة الملف من حيث الوقائع والقانون معا، وفي حالة إلغاء الحكم يتصدى من جديد للفصل في النزاع بقرار نهائي غير قابل للنقض، غير أنه يجوز له أن يحيل الملف بعد الإلغاء على المحكمة الإدارية.
جـ- كقاضي نقض :
إن اختصاصات مجلس الدولة، هنا تبدو رمزية: منها ما كنت تنص عليه المادة 498 من قانون الضرائب غير المباشرة التي يستفاد منها أن قرارات الغرف الإدارية (حاليا المحاكم الإدارية) في مجال الضرائب غير المباشرة لا تخضع لاستئناف، لأنها تصدر بصفة نهائية، وعليه فهي قابلة للطعن بالنقض).
د- الدور الاستشاري لمجلس الدولة
حيث تقوم الحكومة بعرض مشاريع القوانين على مجلس الدولة لإبداد الرأي فيها برأي موافق قبل عرضها على البرلمان، وتخص مشاريع القوانين المجالات التي تمس بالقضاء الإداري، والإدارة وتنظيم السلطات والانتخابات.
الفرع الأول: تنظيم المحاكم الإداريةنظمت المحاكم الإدارية بموجب القانون 98/02 حيث عوضت الغرف الإدارية على مستوى المجالس القضائية، والملاحظ أن القانون 98/02 يشمل سبع مواد فقط هذا من حيث الشكل، من حيث المضمون مسائل أسامية متعلقة بتنظيم هذه المحاكم وعملها غير موجود في نص القانون بل أحالها للتنظيم، كما أن المادة 123 من الدستور تشير على أن المسائل المتعلقة بالتنظيم القضائي يجب أن يتضمنها قانون عضوي، في حين أن المحاكم الإدارية منظمة بموجب قانون عادي !
قام المرسوم التنفيذي 98/356 المؤرخ في 04/11/98 المتعلق بتنظيم المحاكم الإدارية وتحديد مجالها الإقليمي بالحفاظ على نفس الاختصاصات والتقسيم الإقليمي المتوارث على الغرف الإدارية على مستوى المجالس القضائية ونجدر الإشارة إلى أن هناك نوعين من المحاكم الإدارية.
- محاكم إدارية محلية (ولائية)
-محاكم إدارية جهوية (نشمل عدة ولايات)
الفرع الثاني: اختصاص المحاكم الإدارية المحلية (الولائية)يتضح من نص المادة (7 ق.إ.م) المشار إليها سابقا أن الغرف الإدارية (المحكمة الإدارية) هي صاحبة الولاية العامة بمنازعات الإدارة العامة في مواجهة المحاكم، فكل القضايا التي يكون أحد أشخاص القانون العام التقليدية طرفا فيها تدخل في اختصاص الغرف الإدارية، بينما لا يعود للمحاكم إلا ما نص عليه القانون صراحة، فالمحاكم الإدارية هي صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية.
أما فيما يخص توزيع الاختصاص بين المحاكم الإدارية (الغرفة الإدارية على مستوى المجلس القضائي سابقا) ومجلس الدولة فتشير الفقرة 2 من المادة 7 .ق.إ.م على أن الغرف الإدارية المحلية مختصة بكل المنازعات الإدارية (إلغاء وتعويضا) وهي منازعات الإلغاء والتفسير والمشروعية (بالنسبة للقرارات المحلية) ثم منازعات القضاء الكامل إذ أن الغرف الإدارية المحلية هي قاضي إلغاء وقاضي القضاء الكامل في نفس الوقت بينما لا تختص الغرف الجهوية ومجلس الدولة سوى بنوع معين من المنازعات الإدارية وهو قضاء الإلغاء.
وهكذا فإن المحاكم الإدارية تكون مختصة بما يلي:
1-دعوى الإلغاء (البطلان) الموجهة ضد القرارات الصادرة عن رؤساء المجالس الشعبية البلدية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية المحلية.2-الدعوى الرامية إلى تفسير مدلول قرارات البلديات والمؤسسات العمومية المحلية.3-الدعاوى الرامية إلى تقدير مدى مشروعية القرارات الصادرة عن البلديات والمؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة الإدارية.4-دعاوي القضاء الكامل، ويتعلق الأمر هنا بكل الدعاوي الرامية إلى التصريح بالمسؤولية التقصيرية أو العقدية للدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، وبالتالي القضاء بالتعويض لصالح الضحية.
الفرع الثالث:اختصاص المحاكم الإدارية الجهوية:
تختص المحاكم الإدارية الجهوية بدعاوى إلغاء وتفسير وتقدير مدى مشروعية القرارات الصادرة عن الولايات.

      يجب التميز بوضوح بين الدعاوى المرفوعة أما القاضي وبين تلك المرفوعة أمام الإدارة، أي التظلمات الإدارية، وهذا التميز يتعلق بالإجراءات كما يتعلق بنتيجة الدعوى، فالدعوى المرفوعة أمام القاضي تخضع للإجراءات القضائية وتؤدي إلى صدور حكم. بينما يخضع التظلم إلى إجراءات إدارية ويؤدي إلى صدور قرار إداري.
-إن الدعاوى القضائية نفسها متنوعة، وتختلف حسب طبيعة السلطات المتاحة للقاضي، ويميز عادة بين 4 أنواع من الدعاوى.
1-الدعاوى التي يطلب فيها من القاضي إلغاء قرار غير مشروع للإدارة، وهذه هي دعوى تجاوز السلطة أو دعوى الإلغاء التي سنتولها كدراسة نموذجية.2-الدعاوى التي يطلب فيها من القاضي إصلاح ضرر، وهي دعوى القضاء الكامل، أو دعوى التعويض.3-الدعوى التي يطلب فيها من القاضي تفسير قرار إداري غامض.4-دعوى تقرير المشروعية.
وقد آثار هذا التصنيف عدة إنتقادات، المهم سواء أخذنا بهذا التصنيف أو ذاك هنالك نوعان هامان من الدعاوى، دعوى تجاوز السلطة ودعوى القضاء الكامل، من المناسب التمييز بينهما، ويتمايز هذان النوعان من الدعاوى من حيث الموضوع ومن حيث سلطات القاضي.
*-إن دعوى تجاوز السلطة ليس لها سوى غرض واحد، إلغاء القرار الإداري غير المشروع، وعن طريق دعوى القضاء الكامل، يحاول المدعى الحصول من القاضي على الاعتراف بحق فردي، شخصي، مغتصب من طرف الإدارة.
*-أما فيما يتعلق سلطات القاضي، فإن دعوى تجاوز السلطة تسمح فقط بإبطال القرار المتنازع فيه، ومهمة القاضي السهر على احترام القانون، وبالمقابل فإن دعوى القضاء الكامل تسمح للقاضي بتحديد حقوق المدعي (القاضي له كامل الصلاحية للنظر)

-النصوص الدستورية والقانونية.
1- دستور 1996 المؤرخ في 29/11/1996.
2-القانون العضوي رقم 98/01 المؤرخ في 30/05/98 المتعلق بمجلس الدولة.
3-القانون العضوي رقم 98/03 المؤرخ في 30/05/98 المتعلق بمحكمة التنازع.
4-القانون رقم 98/02 المؤرخ في 30/05/98 المتعلق بالمحاكم الإدارية.
5-الأمر 69/27 المؤرخ في 13/05/1969 المتعلق بالنظام القضائي.
6-الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 08/06/1966 المتعلق بقانون الإجراءات المدنية.
7-القانون رقم 89/22 المؤرخ في 12/12/89 المتعلق بالمحكمة العليا.
8-القانون رقم 89/21 المؤرخ في 12/12/89 المتعلق بالنظام الأساسي للقاضي.
9-الأمر رقم 65/278 المؤرخ في 16/11/65 المتضمن التنظيم القضائي.
10-المرسوم الرئاسي رقم 98/197 المؤرخ في 30/06/98 يتضمن تعين أعضاء مجلس الدولة.
11-المرسوم التنفيذي رقم 98/356 المؤرخ في 14/11/98 المتعلق بتنظيم وتحديد اختصاصات المحاكم الإدارية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire